الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية شعبية السبسي في تراجع لدى التونسيين: شبح التوريث والاخلال بالوعود يحبطان أنصاره في الانتخابات

نشر في  18 نوفمبر 2015  (10:46)

كشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «ايمرود» بالتعاون مع «دار الصباح» التونسية مؤخرا تراجعا في شعبية رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بشكل كبير خلال الفترة الاخيرة، حيث أوضحت الدراسة أن «أسهم» السبسي سجلت تراجعاً بحوالي 12 نقطة مقارنة بشهر سبتمبر الماضي، فيما أبدى 41,1 بالمائة من المستطلعين رضاهم عن أدائه بعد ان كانوا في حدود 53,4 بالمائة منذ شهر  و52,1 بالمائة خلال أوت الماضي..
وفي هذا الإطار ارتأت أخبار الجمهورية استبيان الأسباب الكفيلة بتسجيل هذا التراجع في شعبية رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بعد أن كان يحتل المرتبة الأولى شعبية ونيلا لثقة التونسيين عبر استقراء بعض المواقف المطلعة على الشأن السياسي...
في البداية قال مدير مؤسسة «أمرود» نبيل بالعم، إن الأسباب الاقتصادية والاجتماعية هي التي تفسر أساساً تراجع شعبية الرؤساء الثلاثة، إضافة الى الأزمة التي تعصف بالحزب الحاكم «نداء تونس» والذي فشل مؤسسه قائد السبسي في حلها واتخاذ قرارات حاسمة في شأنها، خصوصاً أن التونسيين يعرفون الارتباط الوثيق بين السبسي وحزبه.
ولفت بالعم إلى أن المعطيات المرحلية الخاصة بكل فترة هي التي تفسر تراجع أو صعود نسبة رضاء التونسيين عن بعض الشخصيات، فالنجاحات الأمنية الأخيرة مثلا جعلت نسبة مؤشر الخطر الإرهابي يتراجع بشكل كبير، وبعد أن كانت في حدود 67,5 بالمائة في أوت الماضي و59,4 بالمائة في سبتمبر الماضي تراجعت هذا الشهر إلى 40,6 بالمائة، بسبب تحسن الأوضاع الأمنية، ونجاعة العمليات الاستباقية التي مكنت من ايقاف مجموعات إرهابية وإفشال مخططاتها.
وبخصوص المستوى الاقتصادي والاجتماعي، أشار بالعم في تصريح صحفي إلى أن الحكومة لم تقدم حلولاً إلى الشباب العاطل عن العمل وفشلت في إرسال رسائل طمأنة أو مؤشرات أمل الى هذه الشريحة الاجتماعية، فضلاً عن تردي الوضع الاقتصادي وعدم تراجع الأسعار، ممّا جعل الطبقتين الوسطى والضعيفة في وضع محبط سبب فقدان الأمل في الشخصيات السياسية..

هاجس الخلافة والتوريث وعدم الحياد

من ناحيته اعتبر المؤرّخ والمحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي في تصريح لأخبار الجمهورية أنّ هذا التراجع المسجّل في شعبية الباجي قائد السبسي طبيعي جدا نتيجة لعدة عوامل، من بينها أنّ الشعب التونسي بعد مرور سنة من الحكم لم يشعر بأيّ تغيير جوهري سواء على مستوى السياسة العامة للبلاد أو على مستوى أوضاعه الإقتصادية والاجتماعية، بل بالعكس فقد بدأ يشعر بأنّ الوضع زاد تأزما وحدّة عمّا كان عليه سابقا ...
وأضاف الحناشي أنّ هذا التراجع أيضا يعود إلى الخيبة التي أصابت شقا هاما من التونسيين جرّاء تفاعل حركة نداء تونس مع حركة النهضة وإشراكها معها في الحكومة، وهم الذين انتخبوا رئيس الجمهورية على خلفية اديولوجياتهم «المناهضة» لحركة النهضة الإسلامية..
في سياق متصّل اعتبر محدثنا أنّ ما زاد الطين بلة هو الأزمة الحارقة التي يعيشها نداء تونس والتي يرى التونسيون أن لها انعكاسا سلبيا على شعبية السبسي على اعتبار أنّ ابنه حافظ قائد السبسي ومدير ديوانه الرئاسي رضا بلحاج هما من بين الأطراف الرئيسية التي تدير الصراع، وهو ما أعطى صورة ضبابية لدى الشعب التونسي تمثلت في توجسهم من عودة فكرة الخلافة أو التوريث في عهد الجمهورية الثانية.. ناهيك عن عدم التزام رئيس الجمهورية بمبدأ الحياد والنأي عن كل التجاذبات الحزبية حيث لوحظ وجوده كطرف في هذا الصراع الحزبي الداخلي لحركة نداء تونس..
 إلى جانب عدم اتخاذه لقرارات هامة وجريئة في ما يخص القضايا الأساسية التي تواجه تونس كالإرهاب والبطالة والتنمية واهتمامه بالزيارت الخارجية على اختلاف أهميتها، التي لم يشعر الرأي العام بنتائجها الايجابية في البلاد وخاصة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ...

تحالف النداء والنهضة أصل «الداء»

أمّا المحلل السياسي ورئيس شبكة دستورنا جوهر بن مبارك فقد اعتبر أنّ من أبرز الأسباب التي أدت إلى تراجع شعبية الباحي قائد السبسي عدم احترام الباجي قائد السبسي لوعوده الانتخابية ومواقفه التي اتخذها قبل الانتخابات الماضية بخصوص اليمين وحركة النهضة، قائلا إنّ تحالفه معها هو من بين أهم الأسباب التي دفعت نحو تراجع شعبية السبسي..
وأشار بن مبارك إلى أنّ الباجي قائد السبسي وبقطع النظر عن صلاحياته الدستورية، لم يلعب دوره الرمزي كرئيس دولة بطريقة مناسبة حيث لم نشاهده يوجّه رسائل طمأنة إلى الشعب التونسي. كما لم يقم بزيارة أي منطقة أو ولاية داخل تراب الجمهورية  منذ أن صعد سدّة الحكم، حتى وإن كانت لطمأنتهم فحسب وليس لإطلاق الوعود بتحسين ظروفهم وفق تعبيره..
واستنكر محدثنا عدم اتصال رئيس الجمهورية ـ رغم أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة ـ، بأي عائلة من عائلات شهداء المؤسسة الأمنية أو العسكرية من الذين قدّموا الغالي والنفيس من أجل حماية هذا الوطن، قائلا إنّ هذا يعتبر كذلك من بين الأسباب التي أدت إلى فقدان عامل الثقة بالسبسي وبداية تراجع شعبيته رغم أنّ عدم اتصاله باهالي الشهداء لا يعدّ التزاما قانونيا بل هو التزام أخلاقي معنوي..
أمّا السبب الثالث الذي ذكره جوهر بن مبارك، فيتمثّل في المشاكل والصراعات السياسية التي أراد السبسي أن يديرها في القصر بين أجنحة حزب نداء تونس الحاكم في معركة رآى التونسيين أنها معركة توريث لذلك فقد أضرت بصورته بشكل كبير، مشيرا إلى أنّ ضعف آداء رئيس الجمهورية على مستوى آداء التزاماته الدستورية والقانونية باعتباره لم يندّد ويستنكر الخروقات الدستورية التي حدثت كمشروع قانون المصالحة الوطنية الذي لن يساهم إلاّ في شق صفوف التونسيين وتقسيمهم إلى نصفين على حدّ تعبيره..

منارة